العدد 15 - كتاب
 

الدكتور فايز الصياغ، المستشار الثقافي لـ"ے" طلب مني أن أكتب عن مجلة "المستور" ولماذا توقفت. وسوف أعتبر أن الدكتور الصياغ "صاغ" سؤاله بدقة عندما تحدث عن "توقف" وليس عن "وقوف"، فالمعروف في عالم السير أن التوقف يختلف عن الوقوف بدليل اختلاف غرامة مخالفة كل منهما، وعليه نرجو أن تكون "المستور" في حالة توقف لا وقوف.

· لمن لا يعرف، فـ"المستور" مجلة متخصصة بقضايا الفقر صدر منها 17 عدداً ثم انقطعت منذ عدة أشهر، ومصيرها الآن قيد البحث.

· حاولت المجلة أن تقدم مادة تقع في المسافة ما بين العلم والصحافة. والعلم المقصود هنا هو الأنثروبولوجيا (علم الانسان) الذي ينتمي اليه القائمون على المجلة. وهذا يعني ان صنف المادة يعتبر من أصعب المواد الصحفية لأنه يحتاج الى الكثير من الاستقصاء الميداني الذي تتطلبه منهجيات العلوم الاجتماعية بدرجات تفوق ما تتطلبه الصحافة الاستقصائية.

· لم تكن المجلة أكثر من ممارسة تطوعية (دون مانع بالطبع من أن تتحول الى ربحية) في مجال اهتمام وتخصص جميع القائمين عليها. فكل واحد منهم في عمله فيما كان رئيس التحرير وهو نفسه صاحب الامتياز، وكاتب هذه السطور، يقوم بكل الأعمال: يكتب ويحرر ويطبع ويدقق ويصور و"يعتل" الأعداد بمشاركة "شحاته" حارس البناية من فقراء مصر الشقيقة. وقد بُذِلَت أقصى الجهود لتقليص التكلفة الى درجة تقترب من "النتافة" في مفاهيم المقتدرين، ولكن اسمحوا لنا أن نسميها "التدبير".

· استقبلت المجلة استقبالا فاجأنا كثيراً، مما كان يعني أن المهمة تحتاج لعواتق قادرة. و على الرغم من أن القائمين على المجلة يزعمون أن لديهم عواتق معقولة تحمل المهمة، ولكن تبين أنها ضعيفة أمام الحمل المالي بالذات الذي يحتاج الى عواتق من صنف خاص. وقد ترافق ضعف عواتقنا في هذا المجال مع قلة الخبرة في السوق، وربما نكون أجدنا الى درجة كبيرة تقديم المحتوى للقارئ، ولكن محاولة الانتقال بنجاح المحتوى الى نجاح مالي كانت صعبة، وكان حل هذه المشكلة يحتاج الى مال يتطلب وجوده ابتداء لنتمكن به من توظيف من يجلب لنا المزيد من المال! وهو ما يسمى في العمل الصحفي "فصل الادارة عن التحرير".

· كان الحرص على استقلال المجلة يعادل في الأهمية صدورها نفسه. وقد أعلنا أننا سنغلقها في حالة وجدنا أنفسنا أمام سؤال الاستقلالية. وللأسف، فإن حجم ما هو موجود من تقبل هذه الاستقلالية في الوسط الذي للمجلة اتصال به، لم يكن كافيا لكي يحملها، وكنا نأمل أن تحترم الجهات ذات الصلة بموضوع الفقر اخلاص المجلة لتخصصها، لقد تعرضنا للكثير من الابتزاز المباشر وغير المباشر، وهوجمنا على سبيل ممارسة "كب الشر".. وللأسف صمدنا ولكن المجلة نفسها لم تصمد!. لقد تعاملت معنا بعض الجهات باعتبارنا مجلة فقراء تقبل مثلاً بما هو متيسر من اشتراكات، وفاصلونا على الأعداد، وطلب آخرون أن نكتب عنهم أو على الأقل أن "نتفضل لشرب فنجان قهوة عند عطوفته".

· على الجهة الأخرى كوفئت المجلة بقدر كبير من الاحترام والدعم من قبل أشخاص وجهات رسمية وغير رسمية من مختلف المواقع (من أقصى المعارضة الى أقصى الموالاة). وبودنا لو يتسع المجال لذكر أسمائهم وتقديم الشكر لهم على ما تحلوا به من تقبل لاستقلال المجلة.

· بكل الأحوال فمصير المجلة فعلاً قيد البحث ونحن نفصح عن ذلك لأن المجلة لا أسرار فيها على الاطلاق.

هل استطعت أن أصوغ ردي بالدقة التي صاغ فيها الصياغ سؤاله؟ الله أعلم.

أحمد أبو خليل : عن توقف “مجلة الفقراء”.. وإذا الموؤدة سُئلت
 
28-Feb-2008
 
العدد 15