العدد 15 - زووم
 

خالد ابو الخير

وحدهم يراوحون في متاهات أزقتهم كأنهم في واد غير مقدس .. طوى. يسعون وراء ما يسد الرمق ويحفظ الكرامة، والمسافة بينهما الى اتساع.

أحيانا. "يطيلون مطال الجوع حتى يميتونه ويضربون عنه الذكر صفحاً فيذهل" ويصير الفقر رداء، وايقونة، ومناً وسلوى، ووصايا عشراً، وناياً.. "الناي سجل أنين الفقراء".

في الصباحات الباكرة، حين يغرق المتخمون في الكسل اللذيذ، تصير الشوارع ميدانا لمهرجانهم اليومي: ثمة من يلتقط علب المشروبات الغازية الفارغة، وأخر ينبش في صناديق القمامة، وبجواره من يلتقط صناديق الخضار الفارغة، أو قطعاً خشبية يوقدون بها نارهم التي لا توقد لقرى، أو لغرباء أتعبهم التيه، والتيه يتعب.

بالنسبة للرسميين، هم أرقام ورسومات بيانية تعلو وتسفل فوق خط وهمي، في رقصة ينقصها الإيقاع، وأحيانا اللياقة.

غير ان ما لا ترصده الحواسيب أن الفقراء "لا بواكي لهم" وفي حالات يحدث أن "يرش على موتهم سكر"، ومع هذا يبتسمون سخرية من آلامهم ومطالع خذلانهم ونهاياتها، وعيونهم تلتمع بانكسارات الأحلام البسيطة والأماني الصغيرة.

في عرفهم، الداخل في متاهتهم مفقود، والخارج منها مولود.. ويعز الخروج.

«طوباكم ايها الجياع»..

"طوبى للمساكين".. طوبى لكم.

تيه الفقر..
 
28-Feb-2008
 
العدد 15