العدد 1 - العالم
 

كانت تلك هي المرة الأولى التي تحتفل فيها البلاد بإنهاء العبودية وعلى مقعد الرئاسة رئيس من أصول إفريقية، هو باراك أوباما. كما كانت تلك المرة الأولى التي يعتذر فيها مجلس الشيوخ الأميركي عن العبودية والفصل العنصري في الولايات المتحدة.

في 19 حزيران/يونيو 1865، وصل جنود أميركيون بقيادة الجنرال غوردان غرينجر مدينة غالفستون في تكساس، معلنين أن الحرب الأهلية قد انتهت، وأن العبيد أصبحوا أحراراً. ومع أن الرئيس أبراهام لنكولن كان قد أصدر إعلان التحرر في العام 1863، فإن تطبيق هذا الإعلان قد تأخر عامين ونصف العام، حتى وصلت كتيبة الجنرال غرينجر إلى تكساس في التاسع من حزيران/يونيو 1865.

وسرعان ما أصبح الاحتفال بيوم الحرية يوم عطلة تعترف به 31 ولاية، وكان السيناتور أوباما، قبل تسلمه الرئاسة، قد طالب بالاحتفال بذلك اليوم عيداً وطنياً.

واليوم، وهو يجلس على مقعد الرئاسة، أصدر أوباما بياناً جاء فيه أنه بعد نحو قرن ونصف القرن، «يمكن لأحفاد كل من العبيد ومالكي العبيد الاحتفال معاً بالحقوق والحريات التي نشترك فيها، في رحاب هذه الأمة العظيمة التي نحبها جميعاً».

وأوضح أوباما أن «الأميركيين من أصول إفريقية، ساعدوا في بناء هذه الأمة لبنة لبنة، وساهموا في تنميتها بكل طريقة ممكنة، حتى حين كانت حقوقهم وحرياتهم منكرة عنهم».

عشية التاسع عشر من حزيران/يونيو الماضي، أصدر مجلس الشيوخ قراراً «يعترف بالمظالم الجوهرية وبقسوة ووحشية ولا إنسانية العبودية وقوانين جيم كرو» التي سمحت بالعزل العنصري حتى الستينيات من القرن الماضي.

القرار الذي لا يحتاج توقيع أوباما، ينص على أن الكونغرس «يعتذر للأميركيين الأفارقة نيابة عن شعب الولايات المتحدة، على المظالم التي ارتكبت ضدهم وضد أجدادهم، والذين عانوا الكثير من قوانين العبودية وجيم كرو».

وقد لقي القرار ترحيباً لم يكن دائماً من القلب.

وصرّح السيناتور توم هاركين (آيوا)، الذي كان رأس الحربة في تقديم القرار: «قد تتساءلون لماذا لم نقم بذلك قبل 100 عام». وهو سؤال طرحته صحيفة الجذر، وهي مجلة إلكترونية تقدم وجهات نظر الأميركيين من أصول إفريقية حول القضايا الراهنة، وحاولت الإجابة بالقول: «من الطبيعي أن الجميع يعرف أن اعتذاراً في وقت مبكر من دون العمل الشاق لإنهاء التمييز والظلم العنصري، كان سيتحول إلى إشارة فارغة. أما اليوم، كما هو الحال مع كثير من الأمور، يصبح العمل الشاق والتقدم أكثر أهمية من مجرد كلمات».

بحسب إلإجراءات المتبعة، سيحول القرار إلى الكونغرس، ولكن في ضوء مخاوف أثارها بعض أعضاء الكونغرس من أصول إفريقية، بدأ تحويل القرار يواجه بعض العقبات، فقد أشار بعض أعضاء المجلس إلى استدراك ملحق بالقرار يشير إلى أنه، أي القرار، لا يعطي الحق في أي مطالبات ضد حكومة الولايات المتحدة، وذلك في محاولة للحؤول دون أي مطالبة من جانب أحفاد العبيد بالحصول على تعويضات، كما قال بعض نقاد الاستدراك، بخاصة أن الاعتذار الذي أصدرته الحكومة للأميركيين من أصول يابانية، والذين حصروا في معسكرات اعتقال خلال الحرب العالمية الثانية، لم يكن مرفقاً بأي استدراك. وقالت عضو الكونغرس باربارا لي (كاليفورنيا) من المؤتمر الوطني للسود في الكونغرس، إنهم في المؤتمر يدرسون لغة القرار، فيما رفضه آخرون على الفور.

وقال الجمهوري بني ثومبسون: «إن نشر الاستدراك ينقص الكثير من معنى الاعتذار»، وأضاف: «عدد منا جاهز للتصويت ضده وهو في صيغته الحالية. وهنالك أعضاء تقدميون كثر يحملون الشعور نفسه».

أما السيناتور رونالد بوريز، وهو الوحيد من أصول إفريقية في مجلس الشيوخ، فقد تحدث عقب صدور القرار قائلاً: «أود أن أعلن على رؤوس الأشهاد، أن نشر الاستدراك ليس من شأنه في أي صورة من الصور، أن يلغي أي خطوات مستقبلية قد تثار في هذا المجلس مطالبةً بتعويضات».

مع ذلك، فإن الجمعية الوطنية لتقدم الشعوب الملونة، التي يرجع تأسيسها إلى نحو 100 عام، أعربت عن سرورها لصدور قرار هاركن. فقد جاء في بيان أصدره رئيس الجمعية مع بنجامين تود جيلوس «إن الاعتذار عن العبودية وحقبة الفصل التي أمر بها جيم كرو قد مضى زمنها، وهي خطوة نحو شفاء جروح الأميركيين من أصول إفريقية، رجالاً ونساء على مدى القرن الماضي».

على أي حال، فإن هذه الخطوة تمهد الطريق أمام قرار من الكونغرس يعتذر فيه عن نحو 250 عاماً من العبودية، بعد ما يقرب من نصف قرن على إلغائها.

الآباء يأكلون الحصرم والأبناء لا يضرسون
 
01-Jul-2009
 
العدد 1