العدد 1 - عين ثالثة
 

في الثاني عشر من حزيران/يونيو الماضي، اختتم مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، المكون من 47 دولة عضواً في الأمم المتحدة، أول مراجعة شاملة لحقوق الإنسان في الأردن. قدمت المراجعة 79 توصية رفض الأردن 26 منها. كان معظم منظمات حقوق الإنسان في الأردن غائباً عن النقاشات المهمة والتفصيلية لسياسات حقوق الإنسان بين شباط/فبراير وحزيران/يونيو الماضيين، وجاءت تغطية الإعلام في حدودها الدنيا.

انتُخب الأردن عضواً في مجلس حقوق الإنسان لدى تأسيسه في العام 2006، وانتُخب ثانية في أيار/مايو 2009. وكانت الانتخابات بدلاً من الترشيح مسبق التنظيم من قبل الدول الأعضاء، إحدى التحسينات التي أدخلها المجلس الجديد على مفوضية حقوق الإنسان السابقة. التحسين الثاني كان عملية المراجعة الدورية العالمية، التي كان الأردن قد أتمها لتوه.

تتألف مدخلات المراجعة الدورية العالمية من ثلاثة تقارير: أحدها تعده الدولة، والثاني تعده الأمم المتحدة، والثالث تعده منظمات غير حكومية. لم تقدم المجموعات الأردنية سوى ورقتين، واحدة من المركز الوطني لحقوق الإنسان، وأخرى من ائتلاف من ثلاث منظمات يقودها مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان. وكانت هناك ست أوراق من مجموعات دولية، من ضمنها هيومن رايتس ووتش.

في الأردن العديد من منظمات المجتمع المدني التي تزعم أنها تقوم بحماية حقوق الإنسان وتروجها، فهل إنها أضاعت هذه الفرصة المهمة للدعوة إلى مزيد من الحماية لأنها لم تكن تعرف، أو أنها لا تولي المشاركة في صوغ سياسات حقوق الإنسان في البلاد أي اهتمام؟

تعود أهمية المراجعة الدورية العالمية إلى أنها تمثل مراجعة دولية شاملة غير مسبوقة لحال حقوق الإنسان في بلد ما، ولأن استجابة الحكومة لتوصياتها تمثل سياسة حقوق الإنسان الرسمية في الأردن لسنوات مقبلة. وقد تعهدت المملكة العربية السعودية في أيار/مايو 2009 في مراجعتها الدورية العالمية بوقف إصدار أحكام بالإعدام على الأحداث، ورفع قيود نظام الوصاية للرجال على النساء.

في تقريرها الذي قدمته للمجلس، الذي وصل متأخراً، قدم الأردن نظرة تفصيلية للقوانين الجديدة والبرامج الخاصة بحماية حقوق الإنسان، لكنه لم يقل سوى القليل عن فعاليتها، أو استمرار النواقص في مجال حقوق الإنسان. وقد عبّرت منظمات حقوق الإنسان المحلية والعالمية، في صورة منفصلة عن بعضها بعضاً، عن مخاوف وتوصيات متداخلة حول عقوبة الإعدام، جرائم الشرف، الحجز الإداري، العمال المهاجرين واللاجئين، والتمييز ضد النساء، وحرية التعبير والتجمع والمشاركة، وبخاصة التعذيب. وقبل الأردن توصيات بإنهاء العنف والتمييز ضد المرأة، وحماية العمال الوافدين، وحفظ الحقوق في التعليم والرعاية الصحية والماء.

في الحادي عشر من حزيران/يونيو أكد المركز الوطني لحقوق الإنسان ومنظمة هيومن رايتس ووتش المخاوف التي ثارت في شباط/فبراير الماضي حول حرية المشاركة، والحجز الإداري والتعذيب، قبيل المراجعة النهائية التي أجراها المجلس للوضع في الأردن. وقد قبل الأردن تسعاً من هذه التوصيات ورفض سبعاً منها تتعلق بالتعذيب.

كانت المراجعة الدورية العالمية التي قدمها الأردن هي الأولى بين جهوده لإلغاء التعذيب. ومنذ العام 1994، فشلت الحكومة في تقديم التقارير المستحقة كل أربع سنوات، إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

وخلال جلسات الاستماع للمراجعة، وعد الأردن بـ«التحقيق.... بطريقة مستقلة وشفافة وفي الوقت المناسب»، في مزاعم تعذيب من خلال «آلية شكوى شفافة ومستقلة» لـ«ضمان حصول المحتجزين على طريق للوصول إلى علاج قانوني فعال»، ولضمان «معاقبة» من يمارس التعذيب.

لكن الأردن رفض توصية المراجعة الدورية العالمية التوقيعَ على البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب، الذي ينص على آليات تفتيش مستقلة. وكان المركز الوطني لحقوق الإنسان أعلن أنه سوف يجعل من التوقيع على البروتوكول أولوية له هذا العام. وتركز المعايير العالمية، مثل البروتوكول الاختياري أو بروتوكول إسطنبول للتحقيق في قضايا التعذيب، على تحقيقات وحالات قمع قام بها أولئك المتهمون بممارسة التعذيب.

ورفض الأردن أيضاً توصية المراجعة الدورية العالمية لإلغاء محكمة الشرطة، حيث يمكن للمدعين العامين والقضاة المعينين من قبل مدير الشرطة أن يقرروا ما إذا كانوا سيعاملون زملاءهم من رجال االشرطة معاملة سيئة، أم إنهم سيوصون بأن يتلقوا عقاباً تأديبياً فقط على سوء المعاملة. (جرم الأردن أخيراً التعذيب، ولكن سوء المعاملة يبقى شأناً غير معرف في القانون). وفي ختام المراجعة الدورية العالمية في 12 حزيران/يونيو، وضعت الحكومة قائمة بالإجراءات التدريبية التي من شأنها منع التعذيب والتحري عنه، ولكنها لم تتبن اقتراحات خاصة بإصلاحات هيكلية. وقد جاء ذلك على الرغم من المفاوضات الجارية لنقل إدارة شؤون السجون إلى وزارة العدل، ومثل هذا النقل لإدارة شؤون السجون من شأنه أن يجعل الحراس هناك موظفين مدنيين، وبذلك فإنهم يخضعون لمدعين عامين مدنيين ومحاكم مدنية.

لسوء الحظ، لم يكن هنالك دعم محلي للترويج لهذه الإجراءات الحمائية الكبرى، كما أننا لم نشاهد تغطية إعلامية تقوم على المعرفة لتعهدات الأردن في مجلس حقوق الإنسان.

* نائب مدير هيومن رايتس ووتش لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا

شارك في هذه المقالة كريستوف فيلكه

للتعويض عن فرصة ضائعة
 
01-Jul-2009
 
العدد 1