العدد 1 - أربعة أسابيع
 

حررت إدارة الامتحانات والاختبارات المدرسية في امتحانات الثانوية هذا العام، أكثر من 550 مخالفة غش أقدم عليها طلبة من أصل 113 ألف طالب وطالبة، شاركوا في الامتحان.

حالات الغش تتركز عند الذكور أكثر من الإناث، وفقاً للتقرير اليومي لسير امتحان الثانوية العامة الصادر عن وزارة التربية والتعليم. التقرير أكد أن محاولات الغش وصلت إلى مستويات متقدمة في المدارس الحكومية، وكشفَ تنوُّعَ الوسائل التي يلجأ اليها الطلبة.

كما كشف عن ارتفاع نسب الغش عند طلبة الدراسة الخاصة، وانحسارها عند الطلبة النظاميين، وارتفاع نسب الغش في المحافظات مقارنةً بالعاصمة.

«التربية والتعليم» وضعت إجراءات صارمة لمواجهة محاولات الغش من الطلبة، إلا أنها لا تطبَّق بشكل فعّال، على ما يروي لـ«السّجل»، معلمون طلبوا جميعاً عدم نشر أسمائهم، لحساسية الموضوع، وخشية العقوبات الإدارية. حيث يعمد معلّمون في القرى إلى تسهيل الغش بين الطلبة، بدعوى أنهم من أقاربهم. معلم في محافظة الزرقاء قال إنه لم يرفع يده عند القَسَم في مديرية التربية والتعليم، الخاص بمنع الطلبة من الغش. «ما حلفت لأني ما بدّي أمنع الطلاب من الغش، ويقولوا قرايبي عني إني لا أمون».

فيما روى عدد من المعلمين في محافظة مادبا «مواقف طريفة» عن حوادث غش، من بينها تحجج طالب بحاجته للذهاب إلى الحمام، وعند تفتيشه تبين أنه يحمل مجموعة مصغرة عن مبحث المادة موضوع الامتحان. معلم آخر قال إن طالباً سعى إلى إظهار نفسه على أنه يغش حتى يُحرَم من الامتحان، وبالتالي تجنُّب إحراجه بسبب الفشل في نتائج الثانوية.

من جهته، يختلف معلم رياضيات في محافظة إربد، عن أولئك المعلمين الذين يسهّلون الغش، ويسوّغونه. ويقول إن الطلبة الذين يُقْدمون على الغش هم في الغالب من «غير المجتهدين»، أو لا يحظون بمتابعة ذويهم في المدرسة. ويضيف: «لا أتساهل مع الطلبة في قاعة الامتحان، لقناعتي أن الطالب إذا ما تمكن من انتزاع شهادة الثانوية بالغش، فسيعتاد على هذا النمط من التساهل طوال حياته».

الطالب الذي ينجح في الغش، غالباً ما يدخل الجامعة بطرق بعيدة عن التنافس الحر، ومن ثم يتمكن من النجاح في معظم المباحث الدراسية بفعل الواسطة التي تمكّنه أيضاً من الحصول على وظيفة، وتكون المحصلة مستوى إدارياً متردياً في مؤسسات الدولة في القطاعَين العام والخاص.

هذا الازدياد في حالات الغش في الثانوية العامة، يعكس ثقافة اجتماعية مشوهة تشكلت مع مضي الوقت عنوانها «الدفش»، تتكئ على منح الطالب أو الباحث عن عمل، فرصة الالتحاق بالجامعة أو بالوظيفة بطرق غير شرعية، من باب الفزعة لقريب أو لصديق.

الغش في الامتحانات يعدّ وسيلة سهلة لمن ينشد النجاح بأي ثمن، فقد أصبح مربوطاً بالتكنولوجيا الحديثة وتطورات العصر. في السابق كان الطالب يلجأ إلى الكتابة على طاولته أو على يديه، أو ينقل من زميله عن طريق استراق النظر إلى ورقته. أما الآن فقد اختلف الوضع، فالكثير من الطلبة يقضون الأسبوع الأخير قبل الامتحان في الإعداد لوسائل الغش وأدواته، ويبتكرون أساليب يصعب ضبطها من قِبَل المراقبين، مثل طباعة صفحات الكتاب المقرر بخط صغير وأوراق مقصوصة لا يمكن كشفها، واستخدام سماعة «بلوتوث» تخُفى بـ«طاقية» يتم عبرها تلقّي الإجابات من شخص آخر، وإرسال الإجابات عبر الرسائل الخلوية القصيرة، والاتفاق على طريقة رمزية للغش تستند إلى تكرار حركات متفق عليها مع الطالب الذي يريد أن يغش، للإشارة إلى رمز الدائرة الصحيحة مثلاً.

يجنحون إلى الغش كأنه حقٌّ لهم
 
01-Jul-2009
 
العدد 1