العدد 5 - نبض البلد
 

في معرضه «الضوء والطبيعة» المقام على غاليري نبض، يحتفي الفنان والمعمّاري عمّار خمّاش بالإنسان والطبيعة عبر لوحات تجريدية منفَّذة بالألوان الزيتية والمائية، تتسم بوحدة لونية قامتُها الأسود والبني والأصفر بتدرجاتها، مع الاهتمام بالظل والضوء والاشتغال على الشكل الهندسي وفق بنية ذهنية ورؤية توحّد بين الإنسان والطبيعة.

خمّاش، المعروف بعشقه للطبيعة والمواقع التراثية، حوّل قاعات الغاليري وممراته في افتتاح معرضه، 5 تشرين الأول/أكتوبر 2009، إلى واحة من الألوان الحادّة والصاخبة حيناً، والهادئة الساكنة حيناً آخر، حتى ليجد المُشاهد نفسه مدعوَّاً لمحاورة الأرض والسماء والجبال والوديان المظلَّلة بنثار ضوء وظلال، والتأمل في عظمتها.

في شهادة حول تجربته في رسم مشاهد من مدينة السلط، يقول خمّاش: «الرسم وسيلة للتدقيق في تفاصيل الواقع.. عندما أرسم مدينة أو قرية أحفظها في ذاكرتي مدى الحياة، وذلك لأن عينَيّ تتجولان على أطراف الأسوار والنوافذ والأدراج، فإذا قمتُ برسم باب مثلاً، فذلك يعني أنني قد رأيته بتفحُّص، اللوحة تقوم بنشاط العين، الرسم برهان الرؤية».

وفي ما يمكن تسميته «بورتريهات» لوجوه إنسانية، قدم خمّاش لوحات بمقاييس كبيرة، وضربات فرشاة حادة تتحرر من التفاصيل لصالح استثارة أحاسيس المشاهد والربط بين الأرض بتضاريسها القاسية واللينة، بالشكل الإنساني، وهو ما يؤشر على تجذُّر الإنسان في الأرض وحياة الأرض من خلال الإنسان.

ومما جاء في النشرة التعريفية الخاصة بالمعرض: «خمّاش يسبر غور العملية البصرية للإنسان وتطورها، بدءاً من مهارة الحفاظ على البقاء حتى أكثر ما يمتلك البشر المحدثون من فضول فلسفي. يستغل في لوحاته كلاًّ من المشهد الطبيعي والإمكانيات البصرية من أجل تحقيق المزيد من الاقتراب من العلاقة الجوهرية العميقة ما بين عقل الإنسان والمشهد الطبيعي الذي يصوغه».

اللوحات المنفذة بالزيت اعتمدت أسلوباً عنيفاً وصاخباً عبر الندوب اللونية التي تُركت على سطح اللوحة، والخطوط التي عَبَرت الكتل اللونية بغير اتجاه، حتى قسمت حدود الوجه وملامحه، لتلج عوالم الأفكار وتثير هواجس النفس والوجدان. بينما جاءت اللوحات المنفذة بالألوان المائية أقل حدّة وصخباً وأكثر إراحة للعين والنفس، بخاصة وأنها اعتمدت الفاتحَ من الألوان.

خمّاش الذي خاض غمار فروع متعددة من الفنون؛ الرسم، علم الحفريات «الأركيولوجيا»، التصوير الفوتوغرافيّ، الكتابة، وتصميم المجوهرات، إضافة إلى نشاطه في مجال الحفاظ على البيئة، قدّم في هذا المعرض تجربة متكاملة تنهل من جمال اللون وهندسة المعمار وانعكاسات الضوء وخصب التراث وغنى الطبيعة.

خلال حفل الافتتاح، وقّع خمّاش كتابه الجديد «الطبيعة القديمة: رسومات فنية لمشاهد طبيعية» الصادر عن مجموعة images للنشر بأستراليا. يضم الكتاب صوراً ملونة لرسوماته المستوحاة من الطبيعة منذ أواخر السبعينيات حتى الوقت الحاضر.

خمّاش المولود العام 1960 في عمّان، مهندس يقف وراء تصميمات رفيعة في المنطقة، من بينها تصميم مسجد الناصرة الذي أحدث صخباً وجدالاً لقربه من كنيسة البشارة، ومشروع إعادة إحياء بيلا وادي الأردن الذي تضمّنَ تشييد بيتَي استراحة، أحدهما في بيلا والآخر في أم قيس. وقد نال درجة البكالوريوس في الهندسة المعمّارية من جامعة ساوث ويسترن لويزيانا، 1986، كما درس علم الآثار الإثني في معهد الآثار والأنثربولوجيا في جامعة اليرموك، 1987.

«الضوء والطبيعة» لعمّار خمّاش: واحةٌ من الألوان
 
01-Nov-2009
 
العدد 5