العدد 5 - الملف
 

ينتقد كتّاب ومثقفون أردنيون «غياب مفهوم الدعم الحقيقي للكتاب والكاتب» الممثلة بوزارة الثقافة وأمانة عمان الكبرى، بسبب «النظرة الضيقة التي تحصر الدعم في مسألة طباعة الكتب فقط»، بحسب الكاتب سليم النجار.

ويؤكد الكتّاب أن الدعم بمفهومه الحقيقي ينبغي أن «يشمل مكافأة الكاتب معنوياً ومالياً، ودفع تكاليف طباعة الكتاب، وتوزيعه على المراكز المتخصصة، ومتابعة نسب قراءته»، إضافة إلى القيام بكل ما تتطلبه عملية تشجيع استمرارية حركة التأليف والمؤلفين.

مدير الدائرة الثقافية في «الرأي» حسين نشوان يعتقد أن المؤسسات الداعمة لا تقوم بعملية التسويق المباشر، منتقداً آلية توزيع الكتاب التي «تذهب غالبيتها كإهداءات للمدارس والمؤسسات المحلية من دون وجود منهجية لعملية التوزيع».

نشوان يشير إلى «طرق تسويقية أكثر تحضُّراً» تستخدمها المجتمعات الأخرى، كرصد مقروئية المنتج من خلال المكتبات العامة، لتقوم المؤسسات الداعمة بعد ذلك بالدفع للكاتب بحسب عدد القراءات. ويصف مسؤولية تسويق الكتب والمؤلفين بـ«الحلقة المفقودة» التي يجب على المؤسسات الرسمية ورابطة الكتاب التعاون من أجل حلها.

النجار، يرى أن سبب المشكلة هو «حصر المسألة في جانب طباعة الكتب»، متهماً الجهات الداعمة بأنها «لا تدقق في الجودة المعرفية للكتب ونوعيتها»، ومؤشراً كذلك إلى دور العلاقات الشخصية في قضية الكتب المدعومة.

رئيس رابطة الكتاب سعود قبيلات يشتكي من تراجع الدعم لحركة الثقافة والتأليف من قبل وزارة الثقافة، ما اضطر الرابطة إلى إيقاف بعض أنشطتها جراء انقطاع الدعم الكافي، مثل إيقاف إصدار مجلة أوراق التي كانت تُدعم بمبلغ 5 آلاف دينار لكل عدد شاملة تكاليف الطباعة ومكافآت الكتاب والمحررين.

ے حاولت الاتصال بأمين عام وزارة الثقافة جريس سماوي للرد على أقوال قبيلات، لكنها لم توفق في التحدث اليه.

عمل أمانة عمان ووزارة الثقافة يبدو «ملتبساً» لدى الكتاب أنفسهم، ففي الوقت الذي ينتقد كتاب أداءهما، يستحسن آخرون جهودهما، مع مطالبات بتطوير مناهج التقييم الإبداعي.

القائم بأعمال مدير النشر والتوزيع والمكتبات في وزارة الثقافة هزاع البراري لم ينف تقصير الوزارة في بعض أوجه التسويق، إلا أنه يكشف عن «الوزارة تعمل من خلال محاور أخرى على نشر الكتاب الأردني ودعم الكاتب».

البراري يشير إلى مشروع التفرغ الإبداعي لعدد من المبدعين الأدباء، ومشروع المدن الثقافية الذي يقوم بدعم 30-40 عنواناً لكل مدينة، ومشروع مكتبة الأسرة الأردنية الذي دعم 50 عنواناً العام 2007، و75 عنواناً العام 2008، ومئة عنوان العام الجاري.

الوزارة تطبع 5000 نسخة من كل عنوان، وتبيعها بأسعار رمزية جداً للمستهلك في مراكز بيع في جميع محافظات المملكة من خلال مشروع مكتبة الأسرة، بحسب البراري، كما اهتمت الوزارة بمبادرة القدس عاصمة الثقافة العربية التي تم فيها دعم أكثر من 50 مخطوطاً وكتاباً تتحدث عن تراث المدينة المقدسة وتاريخها.

ويؤكد أن «عدد المخطوطات المقدمة إلى الوزارة سنوياً يصل إلى 350 عنواناً، توافق الوزارة على دعم 25 إلى 30 بالمئة منها».

المدير التنفيذي لمديرية الثقافة في أمانة عمان سامر خير، يرى أن لمشكلة دعم الكاتب والكتب جذوراً أخرى تتمثل في «نوعية العناوين التي كانت تطبع في الوزارة والأمانة»، مبيناً أنها «عناوين غير جاذبة للقارئ»، وأنها أصبحت «منبوذة في المعارض العربية الخارجية بشكل عام بسبب وجود خلل في انتقائها».

خير، الذي تسلم منصبه منذ أشهر فقط، يكشف عن رؤية جديدة لدور الأمانة، ومنهجية للعمل الثقافي تهدف لدعم المجتمع بأكمله، والتعامل مع الثقافة باعتبارها أداة تنمية وشريكاً في رفع مستوى الثقافة المجتمعية، من خلال التشديد على المعايير المنهجية والفنية لغايات الدعم.

معايير التقييم المنهجي الجديدة، بحسب خير، تشدّد على أن تكون المخطوطات أردنية، ولم يتم دعم كتابها خلال سنتين ماضيتين، وأن لا يكون المخطوط أعد ليكون دراسة أكاديمية، وأن لا يكون قد سَبق نشره في موقع إلكتروني أو على شكل كتاب، وأن يمس حياة المجتمع ووجدانه، كما يتوجب عليه أن لا يتوجه إلى عدد محدود من القراء.

يشدّد خير أيضاً على أهمية العناية بجميع أوجه مطبوعات الأمانة من خلال توحيد تصاميم المطبوعات والنهوض بها شكلاً ومضموناً، والاهتمام بالجانب التسويقي من خلال تكليف فريق عمل بتسويق المنشورات والكتب الخاصة بالأمانة في مكتبات عمان ومدارسها ومؤسساتها الثقافية ومعارض الكتب المحلية والدولية.

وتلفت أستاذة التاريخ في جامعة آل البيت هند أبو الشعر إلى بُعد آخر في الجدال الدائر، لتؤكد أن دعم الثقافة والكتاب ينبغي أن لا ينحصر في المؤسسات الحكومية فقط، وإنما يتوجب على المؤسسات الخاصة أن تضطلع بدور ما في هذا السياق، كنوع من الالتزام بالمسؤولية تجاه المجتمع، داعية القطاع الخاص إلى الإسهام في مسيرة دعم الكتب والكتاب الأردنيين ونشر مؤلفاتهم.

يؤكد قبيلات ذلك، كاشفاً عن وجود دعم من قبل بعض المؤسسات الاقتصادية ورجال الأعمال، لكنه يعترف بأنه «دعم غير منتظم، ولا يسد التراجع الكبير في الدعم الحكومي»، بخاصة من وزارة الثقافة التي «خفّفت من مخصصات الكتاب والمؤلفين المتعاملين مع الوزارة في مجالات مختلفة إلى النصف، ما أثّر على الكتاب ونشاطهم».

دور النشر الخاصة تتحمل جزءاً من مسؤولية مشكلة دعم الكتاب الأردني، بحسب النجار، الذي يصف بعضها بأنها «تنظيمات سرية تتكون من جهلة»، وأنها «تزخر بعمليات النصب على المؤلفين بغرض استنفاد مالهم، من دون القيام بواجب نشر الكتاب وتسويقه بالشكل المفترض».

هذا الأمر من وجهة نظر النجار، يدفع الكتّاب إلى طباعة كتبهم على نفقتهم الخاصة، وإلى القيام بأعباء توزيعها على المؤسسات الحكومية والخاصة لتسويق أنفسهم.

ويرد رئيس اتحاد الناشرين الأردنينن ومدير دار الفكر للنشر والتوزيع محمود جبر أن «إطلاق الأحكام جزافاً لا يجوز، وأن التعميم مخالف لواقع الصورة الأصلية». ويعترف جبر في الوقت نفسه بأن سوق الكتب كغيره من المهن، لا يخلو من بعض نماذج مسيئة للمهنة.

فريقان منقسمان في الآراء؛ بينما يؤكد الجانب الرسمي أن «الدعم موجود»، مع اعتراف ببعض الشوائب التي تعتريه، يرى الكتّاب أن «الدعم مفقود»، وأنه لا يمكن اختصاره في «طباعة مخطوطات لم تقّيّم بطرق علمية ومنهجية».

دعم الكتاب الأردني: طباعة ونشر بلا تسويق
 
01-Nov-2009
 
العدد 5